هل انت معي؟؟

غريبٌّ أنتَ يا رجل أثور لأجله ألف مرة، يغتالني يسرقني و يصلبني على عتبات انتظاره، ليجود عليَّ باسترحامهٍ .. تطوق الحنين بدفئ نظرةٍ أو همسةٍ .. أو أغنية. لا أجدكَ في قمة أحزان الهوى، و لا أجد نشوة أشواقك تسقني بعضاً منك.. لكني برغم هذا أحبك.



احترقت الأوراق من شرارة لهفةٍ لا تأخذني إليك، إنما تزيد من تمني ما ليس يقال، فيغلبها الأنين لتسقط دمعةً مثيرة على قلمي المجنون بك، ويزداد احتكاكه بالسطور، فتثور و تثور أوجاعي المريرة، أنا واحدة، و هنَّ كثر يتناسباً مع احتياجاتك، لا ضرر حين شرع الله مثنى و ثلاث و رباع، يا رجل اللمسة الأولى، و الضحكة الأولى، و الرجفة الأولى.



لا عتاب أبعثه، و لا قسوة أمارسها ضدك فأنت تسكنني، والقسوة لن تقتلك .. ستقتلني، فما فائدة الوقوف على الأطلال إذاً؟، لن تجلبك رياح الشمال في آخر الليل، فلما لا أمضي؟ لكنني لا أقوى إلا على البقاء بصمت بجانبك، فالشوق غيم على ملامحي، كساها ضبابً معتمً، هذا الشوق حين يزورنا ينقص العمر بنا، أشياءٌ جميلة في لحظه يحجبها عن الرؤية، فتتحول إلى اللاشيء، ذلك الداء الذي لا دواء له.. أكثر الأمراض فتكاً، يقتلنا إن باغتنا في لحظه اشتهاء سنينٍ ماضيه أو أيامٍ جارية، هذا الزائر المستبد، يتسلل من خلف نوافذي، و يخرج من أدراج مكتبي المريضة بك.



لم أعد أتنفس الحرية المفقودة في وطني، أنا أتنفسك أنت، يا أقحواني الهوى، ما عدتُّ أملكني، أنت من يكلمني، كيف عساي أقوى على هجرك؟ وأنت العشق الأول، و الحزن الأول.

صدفة خاطفة جعلتنا نتعثر ببعضٍ، فكنتَ شيئاً من خيال، جمعتنا حربُ كلماتٍ جارفة ونزف أوطان خائفة، من طغاة لا يرحمون، و تجارٌّ يمتصون الدمَ دون أكترث للأرض النازفةِ، ثورةٌ في وطنك و عجزٌ في وطني، شتان ما بينهما، هناك الموت لأجل الأرض، و هنا الهوان لأجل المال.



تألمت من فتح قلبي وتشريع نوافذه لتغمرني بالحنين، ونستقر بحياتنا، لكنك تهرب من دربٍ إلى آخر، فلا أقوى على الاقتراب لأخبرك علناً، أكتفي بالسؤال عن أحوالك وأحداث اليوم والأمس، وأغادر بعدها دون مبالاة. كاذبةٌ أنا فالحب يباغتني في الرحيل عنك ليشدني إليك باشتهاء أكثر، لا يشبه في وصفه سوى الياسمين اليافع على نوافذ الحياة، هروبٌ يغتال الصبا، يكهلنا قبل الأوان.



أخشى أن أفقدني من نفسي وفي وطني، فكن لي الوطن الخالد، أعدني إليك لا أكترث لهم، مجموعه أصنامٍ خلف ستار الدين يخفون مفاسدهم، أفقدوني أنا، فأي ظلم بعد هذا أحتمل؟ أعدني إليك علني أجدني مرة أخرى …

يا رجل أمسكه بين قُبلةٍ وهمسة: لا تتركني في بحر أمنياتٍ لا جدوى منها، في زمن الرقص على أنغام الإشتهاءات… لا تتركني.



الكلٌّ يطارد ما يبتغي لزمانه القادم، أموال وقلاع وحصون ومفاسد و متع، أشياء مصيرها للزوال، هل أنت تبحث مثلهم عن تلك المفاتن؟ لا دواء لجراحي إن خسرتك أكثر، فلا ترحل بالجسدِ والروح، لا أريدك نزفً لا يهدى، و نبضً لا يموت، فهذه روحي تتوسلك للبقاء ها هنا معها.



كل ليلة أتحسسُها هل ما زال يسكنني؟ هل يقرأ الحب في حكاياتي ..؟ ولا يجيبني سوى صمت الأنين حين يخدش بالندى شحوب تأملي، هو أيضاً يعجز عن البوح إلا هكذا …